
بقلم: محمد جميل
تذكر صرخات قائده فيه، وضحكات زملاءه عليه... وهو اقل منهم بمراحل كثيرة في التدريبات، تذكر أهانتهم الدائمة له، والنعوت التي كانوا ينعتونه بها، وكأنما أصبحوا آلهة، لا يمكن لشيء أن يؤذيهم، وكأنما هو حشرة صغيرة لا تستحق حتى القليل من الاحترام!!
وحيدا في مهمة من تلك المهام التي تعودوا القيام بها، يحاول البقاء حياً مختفياً عن أعين أعدائه....
كان فريقه قد ذهب يمشط المنطقة بحثاَ عن عناصر الفريق المعادي لهم وكان كلا الفريقان من أفضل المقاتلين وأشدهم، وكان هو من اضعف المقاتلين، واقلهم خبرة وأكثرهم خوفاً... لذا تركوه غي مكان إنزال الفريق ليحرسه، مع أن هذا المكان ليس له أي أهمية تذكر، ولكنه اعتاد ذلك...
اعتاد وضعه المهمل، وعدم المبالاة به أو بمشاعره أو بقدراته، لم يكترث له احد من قبل، ولن يكترث له احد يوما، و...........
باغته احدهم بضربة قوية على رأسه أفقدته توازنه، ثم أحاط عنقه بسلسلة غليظة منعته حتى من أن يشهق شهقة واحدة، تسارعت الصور أمام عينيه وهو يفقد حياته شيئاً فشيئاً... حياته... ألوان... صرخات... لا مبالاة... صفر... صفر كبير... احتقنت عيناه و.....
ارتجف جسده انفعالا وغضباً....
واستشاط لسماع أصوات أعدائه... وضحكاتهم...
كانوا يعرفون بأنه الأضعف، لذا فقد تحول الأمر بالنسبة إليهم إلى نزهة....
كان سلاحه سيئاً، وهو أقصى ما استطاع أن يمتلك...
السلاح الذي سقط منه مع الضربة التي تلقاها، والذي كان ملاذه الأخير...
ألقى به الآخر أرضا مصوبا نحو قلبه سلاحه، وهو يضحك بجزل...
كتم أنفاسه، ودقات قلبه تتلاحق...
ووجده يترك تأهبه...
كان ملقى على الأرض، والمقاتل يقف أمامه، خافضا سلاحه الآلي، وكأنما هو لا يستحق!
هزه انفعاله الغاضب هذه المرة.... كان باستطاعته قتله بسلاحه الذي سقط من يده...
كاد أن يصرخ غضبا ....و.....
شعر بهذا الذي يحتك بجانبه....
سكين حاد يحملها كل أفراد الفريق... لم يهتم الآخر حتى بتفتيشه بحثا عن أي شيء، كأنما هو حشرة لا خوف منها....
ابرز تلك السكين، ولم يشعر الآخر إلا بشيء يدلج في صدره، ليقتله في الحال، وكأنما غضبه قد أعطاه سرعة خارقة....
اخذ سلاح عدوه، شد أجزائه، ثم أعاد تعميره برصاصات جديدة، وقد أصر على قتلهم جميعا حتى لو كلفه ذلك أن يموت مائة مرة....
هذا هو النداء ....
نداء الواجب....
ألقى نظرة أخرى على أول ضحاياه ، والتفت ليجد الآخر قد انتبه لما حدث، ويرفع سلاحه من بعيد... ولكن رصاصة اخترقت رأسه أوقفته، قبل حتى أن يحاول ضغط الزناد...
لفت نظره قنبلة يدوية قوية في حزام من جندله برصاصته منذ لحظات... التقطها وانطلق عازما على قتلهم جميعا...
رصاص...
دماء...
اقتناص...
انبهر الأعداء به قبل الأصدقاء، فها هو يلقي بقنبلة يدوية على احدهم، ويطلق الرصاص على الآخر، ويجندل الثالث من الخلف بضربة من سكينة حادة.
المدهش انه قد اكتسب قدرة غريبة على اقتناصهم.... على الإيقاع بهم!
ولم يكتف بفريق الأعداء، بل سبقهم بالأصدقاء الذين لم يشجعه احدهم من قبل...
لم يساعده أيهم....
أولئك الذين كانوا يحتقرونه دوما، ويقلون من شانه....
وقد حانت اللحظة التي سيريهم فيها قدراته... سيذيقهم فيها طعم رصاصاته...
كان هدفه أن ينهي المعركة وان يكون الناجي الوحيد منها، ليعامل لحظتها معاملة الأبطال...
إن قاتل فريقين كاملين من المحترفين، لهو-نفسه-قمة في الاحتراف....
لم يستمع لرجاء قائده وهو يذبحه، ولم يتراجع عن اقتناصهم واحدا بعد الآخر وهم يفرون، محاولين الاختباء من الموت... الذي لا ينفك يحصدهم...
للحظات، اجتمع من تبقى من الفريقين عليه، وكانت معركة بسيطة، قياسا بما يحمله من غضب ومقت لهم جميعا، ولم يتبق في النهاية إلا قائد أعدائه...
لم يكن بالعدو السهل، بل هو مقاتل لا يشق له غبار، لذا كانت المواجهة قوية للغاية، مواجهة استخدم فيها الطرفين كل الأسلحة المتاحة، ولكنهم لم يستطيعوا إنهائها، فصاح القائد فيه أن يخرج له في قتال للرجال فقط...
استنفر كل غضبه وطاقته عازما على تقطيع هذا المتغطرس، مستلا سكينة ومتخذا وضعية الاستعداد...
في تلك الهجمات بالسلاح الأبيض، يجب أن تنتظر هجمة خصمك، تتفاداها ثم تهاجم... لكنه هو لم يفعل ذلك...
بل فجأة ألقى سكينه على بعد أمتار لتنغرز في معدة القائد، الذي سبه قبل أن يسقط أرضا...
اخذ يصرخ بفرح غير مصدق انه قد نجح وحيدا في قتل كل هؤلاء منتظرا الفوز ب....
انتفض عندما ظهرت امامه فجاة كلمة connection error واجدا يد أمه تسحب سلك الشبكة وهي تصيح به:
"انتا لسه مخلصتش الواجب؟ مش قلتلك تبطل لعب من نص ساعة؟"
فكر فيما كان ليفعله، لو كان معه واحد من الأسلحة التي حملها في اللعبة...
ولكنه أفاق واجدا نفسه يهرب من سلاح أقوى في تلك اللحظة....
الشبشب.........
0 comments:
Post a Comment