لم أكن أدرك أهو كابوس أم حقيقة أم ماذا؟ دقيقة كاملة مرت وأنا أحاول إستجماع حواسى بينما كانت زوجتى تصرخ فى وجهى دون أن تهدأ ولو للحظة واحدة .. أدركت أن الساعة قد جاوزت الرابعة صباحاً عندما لمحت أرقام ساعة الحائط بارقة فى ظلام الغرفة .. وأدركت ايضاً أن ما أعيشه حقيقة وليس حلماً.
كانت زوجتى قد أوقظتنى من نومى العميق لتسألنى عن امرأة ما تدعى سهيلة.. وتدّعى أننى تلفظت بهذا الاسم أثناء نومى .. لا أعلم بالتحديد ما الذى كان يؤرق زوجتى وجعلها متيقظة فى هذه الساعة المتأخرة من الليل لدرجة أنها سمعتنى وأنا أتلفظ بهذا الاسم كما تدّعى.. ولكن أيّاً ما كان هذا الشىء فأنا أكرهه .. أشد ما يزعجنى هو الاستيقاظ المفاجىء من النوم.
لم يجد إنكارى لمعرفتى بتلك السهيلة شيئاً.. بكت زوجتى كثيراً فى البداية وأنا بجوارها أحاول التنبه والدفاع والتنصل من الإتهام .. لكن زوجتى إنفجرت فى وجهى وبدأت فى حديث طويل وهى تمنعنى من مقاطعتها .. تحدثت فيه عن أشياء كثيرة تلاحظها هي وتحس بها .. كنت متعجباً من أنها تختزن كل هذا الإحتقان بداخلها دون أن أتنبه لذلك مسبقا.
لكنها من بين دموعها إعترفت فى لحظة صدق أنها لا تحملنى وحدى مسئولية كل هذا.. فهى تتحمل معى مسئولية تباعدنا وإستغراقنا فى تفاصيل الحياة للدرجة التى أنستنا مشاعرنا القديمة .. رقّ صوتها حتى ظننت أن العاصفة قد هدأت ولكنها صرخت فى النهاية بأنها لا تتخيل وجود إمرأة أخرى فى حياتى حتى لو كان حلماً .. إنها لن تنتظر حتى يصير حقيقة.. وسألت بحسم وسط البكاء: من هى سهيلة؟ أخبرنى؟.
سمحت لى باحتضانها أخيراً .. كان بكاؤها عنيفاً وجسدها يهتز من شدة انفعالها .. أخبرتها ان كل ما تتصوره أوهام لا أساس لها من الصحة .. وأننى لست الرجل الذى يفعل هذا .. وأنها لابد وقد أخطات السمع أو تخيلت ذلك نتيجة كثرة مخاوفها .. كنت أهمس فى أذنها بتلك الكلمات يصوت واثق عميق جعلها تهدأ وتستكين لعناقى.. أبعدتها عنى باسماً وأنا أمسك وجهها بين كفىّ وأخبرتها أن أجمل ما فى هذا الذى حدث أنها أفصحت أخيراً عمّا بداخلها.
فى الصباح التالى وقبل ذهابى لعملى قبّلتها كثيراً .. وبمجرد أن أغلقت الباب .. أخرجت هاتفى المحمول وطلبت أرقاماً أحفظها جيداً عن ظهر قلب .. اختفى صوتى ولكنى أخيراً نطقت .. قلت: نعم أتصل بك لكي لأطمئن عليكى .. لكني .. لكنى أتصل بك لأخبرك عن شيئا آخر .. سامحينى .. لا أظن أننى قادر على متابعة ما خططناه لمستقبلنا .. سامحينى يا سهيلة
أحمد القاضي
0 comments:
Post a Comment