تغلق سماعة الهاتف في وجهي .. أنظر إلى نفسي في المرآة ..
يا إلهي .. هل هذه أنا ..؟؟ لقد تغير حالي كثيراَ..
عيناي تصطبغان بلون الدم .. وجهي شاحب .. وشعري في حال يرثى له ..أحاول أن أوضب نفسي قليلا ..أخرج بعض المساحيق من حقيبة يدي ..ألصقها على وجهي التعيس .. وأصفف شعري الذي مازال مبللا من آثار الماء البارد من يد والدتي الحنونة الذي ترشقني به كل صباح في محاولة يائسة منها لإيقاظي من النوم ..
أين تلك الحيوية والنشاط ..؟؟ لقد ولت منذ دخول ذلك اللعين إلى بيتنا ..
أعود إلى مكتبي أحاول أن أفتح عيني لأتم ذلك التقرير ولكن … هيهااااات ..
جسمي متعب لا يقوى على حمل رأسي الثقيلة جدا .. فيتهاوى على المكتب وتتدلى يدي إلى الأسفل وأذهب في سبات عميق …
لا أدري كم مر من الوقت وأنا على هذه الحال .. اسمع جلبة وصياحا كأنها تأتي من واد سحيق
هناك من يشد شعري وينادي ..أنت .. أنت .. هيه ….استيقظي ….!!!!!!
أووووه أنها أمي من جديد …
أمي أرجوك خمس دقائق فقط …
يتعالى الصراخ .. أفتح إحدى عيني ..أنظر إلى حافة مكتبي لأجد ما يشبه المارد أمامي .. إنها ليست أمي …!!!
أقفز من مكاني وأقف مذعورة لأجد زميلاتي يقفن بجوار رئيستي وهن يكتمن ضحكة خبيثة …
أتساءل كالبلهاء .. ماذا هناك ..؟؟ ما الذي حصل ..؟؟
تنظر إلي! رئيستي من الأعلى للأسفل وتخرج من بين أسنانها بضع كلمات وتحدق بعيون يملأها الغضب ..
هل كنت نائمة …؟؟
أنا .. لا لا .. كنت أفكر وأسترجع بعض المعلومات ..
أسمع ضحكات لم تستطع البعض أن تخفيها وأنظر لهن وكلي عتب …
استرجعي معلوماتك في بيتكم .. لقد تم حسم خمسة أيام من مرتبك والمرة القادمة سأحولك إلى التحقيق .. هل تسمعيني جيدا ..؟؟
حاضر .. سمعتك وأعدك هي آخر مرة وسأنجز التقرير وأحضره لك في الغد ..
أربكتني المفاجأة كثيرا وسادني وجوم بعد أن غادرت رئيستي فتهاويت على المكتب وكاد رأسي أن يسقط من جديد عليه لولا أنني قاومت هذه المرة بشدة ..
أمضيت بقية اليوم في التنقل من مكتب لآخر فلم أتجرأ أن أجلس إلى مكتبي خوفا أن تنتابني حالة النوم من جديد ..
انتهت ساعات العمل وعدت للبيت وكلي إصرار على أن أعود كما كنت سابقا .. نمت قليلا ثم استيقظت لأفتح جهاز الكمبيوتر بعد أن أعددت كوبا من القهوة التركية المركزة حتى أستطيع العمل على التقرير ..
تذكرت أني قرأت أحد المواضيع التي شدتني بالأمس في أحد مواقع الإنترنت .. لكني لم أنسى ذلك الموقف السخيف الذي مررت به اليوم .. لابد أن يكون لي إرادة أكبر وأقوى على هذا الإدمان ..
مر الوقت سريعا فلم أستدرك ضياعه إلا مع صوت آذان الفجر وأنا أتصفح أحد المواقع وصفحة التقارير مازالت فارغة كما هي …!!!!
أغلقت الجهاز .. صليت الفجر .. ركضت إلى سريري لأستيقظ على كأس ماء بارد من يد والدتي يبلل وجهي …