سقط المثقفون ولو نجحوا



بقلم: محمد فتحي

درس جديد أيها العاشق العصري......
إياك أن تُظهر لها- حواء- ثقافتك (هذا لو كنت تحفظ ألف باء من أساسه)، بالله عليك يا أخي.... هل رأيت فتاة (من بتوع اليومين دول) تمسك كتابا للعقاد.....
أو رأيت زميلتك في الكلية مستغرقة في قراءة أي كتاب للأستاذ محمد حسنين هيكل..... لو انك رأيت هذه الأخيرة فيا بختك......
التنسيق خدمها وأدخلها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية!!
وللصراحة والأمانة لا احد يعرف لماذا الفتاة المثقفة في سبيلها للانقراض.....
بل إنها صارت تكره الثقافة والمثقفين لان الثقافة صارت بالنسبة لها (عقدة) لن تُحل ولو حتى في مسلسلات الدراما (الهلس) التي تراها في دنيتنا (وتلفزيوناتنا أيضا)......
تخيل نفسك تجلس جلسة شاعرية مع خطيبتك وتسألها بمنتهى البراءة عن (الديالكتيك) ورأيها في (استاتيكية العقل العربي).... طبعا ستكون هذه هي آخر جلسة قبل فسخ خطبتكما وقبل دخولك القصر العيني لأنها والله اعلم أعجبها سؤالك لدرجة جعلتها (تفتح قرنك)........
ومعظم الشعراء يكتبون الشعر في غير زوجاتهم.....و الأرجح أنهم يسترجعون أيام الشقاوة والجامعة قبل أن يكتبوا قصيدة رومانسية جديدة.... ثم إنهم- بكل دبلوماسية وذكاء- يهدون القصائد لزوجاتهم (عربون محبة) لاستمرار زواجهم دون منغصات.......
و (سقراط) الفيلسوف العظيم كانت زوجته (نكدية) و (كشرية) و (تاكل مال النبي) رغم إنها ليست من أصل مصري..... ولم تكن تحب فلسفته فقد كانت تراه (صايع) و (ضايع) يهوى الثرثرة عديمة المعنى، ولكن على الرغم من ذلك نحن نعرف (سقراط) والتاريخ يعرفه أيضا والأرجح لان التاريخ ليس امرأة عصرية.....
وبمنتهى الإخلاص أقولها لك... يجب أن تتنازل قليلا أيها العاشق العصري المثقف عند اختيارها......
فإذا اخترتها مثقفة يجب أن تتعود على رؤيتها يوميا دون أن تغمض عينيك لان الجمال والثقافة- في عصرنا هذا- لم يجتمعا بعد......
أما إذا اخترتها جميلة فيجب عليك يا همام أن تدرك جيدا أن ثقافتها هي (ثقافة جرايد) وان معلوماتها عن ذبابة (تسي تسي) هي نفس معلوماتك عن الخزف الصيني....
حينئذ فقط ستعرف وتدرك وتقتنع (شوف التكرار) بان المثقفون مهما نجحوا في حياتهم الفكرية والثقافية..... فسوف يسقطون في حياتهم العاطفية لأنهم- على الأرجح- ينتمون مثلك لمدرسة العشق العصري.......
وصحيح..... سقط المثقفون مهما نجحوا!!
أنا مثقف.......
وقلما تجد مثقفا في حياتنا العصرية متشتتة المراكز لا محورية الأهداف!!
المشكلة أن كل من حولي من الناس لا يستطيعون التعامل معي- مساكين- لا يعرفون قيمة الثقافة في تقدم الأمم والشعوب....
تخيلوا أن ما يقرب من 40% في مصر لا يزالوا يعانون من الأمية......
المشكلة الحقيقية تكمن في الأمية الثقافية.......
تصوروا....أنا.... المفكر المحترم وصاحب أعظم مؤلفات يتم القبض علَي في مترو الأنفاق لمجرد أنني احمل (شريط فيديو عادي).... يأتي إلي احد كبار رجال الأمن في (مصر) "أمين شرطة على الأرجح" ويطلب مني بطاقتي الشخصية....
تصوروا هذا الجاهل لم يعرف اسمي من الوهلة الأولى ولا حتى من الوهلات التالية.... كل ما فعله هو أن اختطف في لهفة شريط الفيديو من يدي المبدعتين ثم بدا استجوابي في مكتبه الفخم.......
بداية جميلة.... فهو من الذكاء بحيث يستنتج أن الشريط يحوي فيلما ولا يحوي فيلا أو غاز أعصاب ثم تهريبه من فساكونيا العظمى.... ولكن الأجمل انه رد على نفسه:
"فيلم ثقافي مش كده؟"
تعجبت منه ومن ذكائه المهيب:
- نعم... فيلم ثقافي... هكذا أجبته و....
- "مش عيب عليك يا بني ادم واحد في سنك يتاجر في الحاجات دي؟"
لم افهمه لأنه ببساطة أكمل خطبته العصماء على غرار خطب موبوتوسيسكو:
- "نبقى بنحارب المراهقين والشباب اللي عاوزين يفسدوا في البلد وسيادتكم تطلع المحرض... ايوه... انت المحرض والموجه ومدير الإدارة كمان"
يا لليوم عديم الاناء السعيدة.... ماذا يقصد هذا ال....ال...
- "بتتفرج على أفلام جنسية يا أستاذ.... وكمان يتاجر فيها"
انتقل جميع من في المحطة- (السادات) على ما أتذكر- إلى الغرفة بعد سماعهم لعبارة أفلام جنسية... بل لقد سمعت أن المرور قد تعطل في ميدان التحرير... وان زوار المتحف المصري طلبوا تنظيم رحلة إلى المكتب البهيج الذي أتشرف واقف أمامه بكينونة نافذة....
- "ايوه يا أستاذ بتفرج على أفلام ثقافية جنسية (هكذا قلت) انت مال سعادتك.... ايه... ما عندكش فيديو وعاوز تتفرج معايا؟
كاد يقبل يدي ويقول "نعم..نعم" إلا انه أزاحني من على المسرح قبل أن يرد علي... والواقع أن رده كان مقنعا للغاية، وعلى جميع الأصعدة الزمكانية للمتوالية الحياتية البارة...
في أسرع وقت ممكن تم اخذي إلى مكان ما (يبدو انه اكتشف حديثا في مجرة درب التبانة)... ثم دخل علي إنسان سفطاتي منغلق الكينونة وتحدث معي حديثا وديا خرجت بعده بكشف رائع للبشرية ألا وهو أن (الإنسان المصري أصله بالونة)...
المهم أنني خرجت من هذا المكان مع شريطي سبب المتاعب بعد أن شاهدوه... يا للمأساة الكونية!! ماذا لو أنهم قالوا أنهم مهتمين بالدورة الجنسية التناسلية لطُفيل (بلازموديوم الملاريا)..... هل كنت سأرفض إعطائهم الشريط...
شيء غريب جدا........

0 comments:

Post a Comment